فصل: 7- السجود:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فقه السنة



.5- الركوع:

وهو مجمع على فرضيته، لقول الله تعالى: {يأيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا}.
بم يتحقق: يتحقق الركوع بمجرد الانحناء، بحيث تصل اليدان إلى الركبتين، ولا بد من الطمأنينة فيه، لما تقدم في حديث المسئ في صلاته «ثم اركع حتى تطمئن راكعا» وعن أبي قتادة.
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أسوأ الناس سرقة الذي يسرق من صلاته فقالوا: يا رسول الله وكيف يسرق من صلاته؟ قال: لا يتم ركوعها ولا سجودها أو قال: لا يقيم صلبه في الركوع والسجود» رواه أحمد والطبراني وابن خزيمة والحاكم وقال صحيح الاسناد.
وعن أبي مسعود البدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تجزئ صلاة لا يقيم الرجل فيها صلبه في الركوع والسجود» رواه الخمسة وابن خزيمة وابن حبان والطبراني والبيهقي، وقال: إسناده صحيح.
وقال الترمذي: حسن صحيح.
والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم، يرون أن يقيم الرجل صلبه في الركوع والسجود.
وعن حذيفة: أنه رأى رجلا لا يتم الركوع والسجود فقال له: ما صليت، ولو مت مت على غير الفطرة التي فطر الله عليها محمدا صلى الله عليه وسلم، رواه البخاري.

.6- الرفع من الركوع والاعتدال قائما مع الطمأنينة:

لقول أبي حميد في صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم «وإذا رفع رأسه استوى قائما حتى يعود كل فقار إلى مكانه» رواه البخاري ومسلم.
وقالت عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم: «فكان إذا رفع رأسه من الركوع لم يسجد حتى يستوي قائما» رواه مسلم، وقال صلى الله عليه وسلم: «ثم ارفع حتى تعتدل قائما» متفق عليه.
وعن أبي هريرة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا ينظر إلى صلاة رجل لا يقيم صلبه بين ركوعه وسجوده» رواه أحمد، قال المنذري: إسناده جيد.

.7- السجود:

وقد تقدم ما يدل على وجوبه من الكتاب وبينه رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله للمسئ في صلاته: «ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ثم ارفع حتى تطمئن جالسا ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا».
فالسجدة الأولى والرفع منها. ثم السجدة الثانية مع الطمأنينة في ذلك كله فرض في كل ركعة من ركعات الفرض والنفل.

.حد الطمأنينة:

الطمأنينة المكث زمنا ما بعد استقرار الاعضاء، قدر أدناها العلماء بمقدار تسبيحة.

.أعضاء السجود:

أعضاء السجود: الوجه، والكفان، والركبتان، والقدمان.
فعن العباس ابن عبد المطلب أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا سجد العبد سجد معه سبعة آراب: وجهه، وكفاه، وركبتاه، وقدماه» رواه الجماعة إلا البخاري.
وعن ابن عباس قال: أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يسجد على سبعة أعضاء ولا يكف شعرا ولا ثوبا: الجبهة، واليدين والركبتين والرجلين.
وفي لفظ، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أمرت أن أسجد على سبعة أعظم: على الجبهة - وأشار بيده على أنفه - واليدين، والركبتين، وأطراف القدمين» متفق عليه.
وفي رواية: «أمرت أن أسجد على سبع ولا أكفت الشعر ولا الثياب، الجبهة، والانف، واليدين، والركبتين، والقدمين» رواه مسلم والنسائي.
وعن أبي حميد: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد أمكن أنفه وجبهته من الأرض، رواه أبو داود والترمذي وصححه، وقال: والعمل على هذا عند أهل العلم: أن يسجد الرجل على جبهته وأنفه.
فإن سجد على جبهته دون أنفه، فقال قوم من أهل العلم: يجزئه، وقال غيرهم: لا يجزئه حتى يسجد على الجبهة والأنف.

.8- القعود الأخير وقراءة التشهد فيه:

الثابت المعروف من هدى النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقعد القعود الأخير يقرأ فيه التشهد، وأنه قال للمسئ في صلاته: «فإذا رفعت رأسك من آخر سجدة وقعدت قدر التشهد فقد تمت صلاتك».
قال ابن قدامة: وقد روي عن ابن عباس أنه قال: كنا نقول قبل أن يفرض علينا التشهد: السلام على الله قبل عباده، السلام على جبريل، السلام على ميكائيل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تقولوا: السلام على الله، ولكن قولوا: التحيات لله»، وهذا يدل على أنه فرض بعد أن لم يكن مفروضا.

.أصح ما ورد في التشهد:

أصح ما ورد في التشهد تشهد ابن مسعود، قال: «كنا إذا جلسنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة قلنا السلام على الله قبل عباده، السلام على فلان وفلان. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقولوا السلام على الله، فإن الله هو السلام، ولكن إذا جلس أحدكم فليقل: التحيات لله، والصلوات، والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، فإنكم إذا قلتم ذلك أصاب كل عبد صالح في السماء والأرض. أو بين السماء والأرض. أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، ثم ليختر أحدكم من الدعاء أعجبه إليه فيدعو به» رواه الجماعة.
قال مسلم: أجمع الناس على تشهد ابن مسعود، لأن أصحابه لا يخالف بعضهم بعضا، وغيره قد اختلف أصحابه.
وقال الترمذي والخطابي وابن عبد البر وابن المنذر: تشهد ابن مسعود أصح حديث في التشهد، ويلي تشهد ابن مسعود في الصحة تشهد ابن عباس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد كما يعلمنا القرآن، وكان يقول «التحيات المباركات، الصلوات الطيبات لله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله» رواه الشافعي ومسلم وأبو داود والنسائي.
قال الشافعي: ورويت أحاديث في التشهد مختلفة، وكان هذا أحب إلي، لأنه أكملها.
قال الحافظ: سئل الشافعي عن اختياره وتشهد ابن عباس فقال: لما رأيته واسعا وسمعته عن ابن عباس صحيحا، وكان عندي أجمع وأكثر لفظا من غيره أخذت به غير معنف لمن يأخذ بغيره مما صح.
وهناك تشهد آخر اختاره مالك، ورواه في الموطأ عن عبد الرحمن بن عبد القاري، أنه سمع عمر بن الخطاب وهو على المنبر يعلم الناس التشهد يقول: قولوا: التحيات لله، الزاكيات لله، الطيبات والصلوات لله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
قال النووي: هذه الأحاديث في التشهد كلها صحيحة، وأشدها صحة باتفاق المحدثين حديث ابن مسعود ثم ابن عباس.
قال الشافعي: وبأيها تشهد أجزأه، وقد أجمع العلماء على جواز كل واحد منها.

.9- السلام:

ثبتت فرضية السلام من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وفعله.
فعن علي رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم» رواه أحمد والشافعي وأبو داود وابن ماجه والترمذي.
وقال: هذا أصح شيء في الباب وأحسن.
وعن عامر بن سعد عن أبيه قال: «كنت أرى النبي صلى الله عليه وسلم يسلم عن يمينه وعن يساره حتى يرى بياض خده» ورواه أحمد ومسلم والنسائي وابن ماجه.
وعن وائل بن حجر قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يسلم عن يمينه: «السلام عليكم ورحمة الله وبركاته».
وعن شماله: «السلام عليكم ورحمة الله وبركاته» قال الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام رواه أبو داود بإسناد صحيح.

.وجوب التسليمة الواحدة واستحباب التسليمة الثانية:

يرى جمهور العلماء أن التسليمة الأولى هي الفرض، وأن الثانية مستحبة.
قال ابن المنذر: أجمع العلماء على أن صلاة من اقتصر على تسليمه واحدة جائزة.
وقال ابن قدامة في المغني: وليس نص أحمد بصريح في وجوب التسليمتين، إنما قال: التسليمتان أصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيجوز أن يذهب إليه في المشروعية لا الايجاب، كما ذهب إلى ذلك غيره، وقد دل عليه قوله في رواية: وأحب إلي التسليمتان، ولان عائشة وسلمة بن الاكوع وسهل بن سعد قد رووا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلم تسليمة واحدة، وكان المهاجرون يسلمون تسليمة واحدة وفيما ذكرناه جمع بين الاخبار وأقوال الصحابة في أن يكون المشروع والمسنون تسليمتين، والواجب واحدة، وقد دل على صحة هذا الاجماع الذي ذكره ابن المنذر، فلا معدل عنه.
وقال النووي: مذهب الشافعي والجمهور من السلف والخلف أن يسن تسليمتان.
وقال مالك وطائفة: إنما يسن تسليمة واحدة، تعلقوا بأحاديث ضعيفة لا تقاوم هذه الأحاديث الصحيحة، ولو ثبت شيء منها حمل على أنه فعل ذلك لبيان جواز الاقتصار على تسليمة واحدة.
وأجمع العلماء الذين يعتد بهم على أنه لا يجب إلا تسليمة واحدة، فإن سلم واحدة استحب له أن يسلمها تلقاء وجهه، وإن سلم تسليمتين جعل الأولى عن يمينه والثانية عن يساره. ويلتفت في كل تسليمة، حتى يرى من عن جانبه خده.
هذا هو الصحيح إلى أن قال: ولو سلم التسليمتين عن يمينه أو عن يساره أو تلقاء وجهه، أو الأولى عن يساره والثانية عن يمينه، صحت صلاته، وحصلت تسليمتان، ولكن فاتته الفضيلة في كيفيتهما.

.سنن الصلاة:

للصلاة سنن، يستحب للمصلي أن يحافظ عليها لينال ثوابها.
نذكرها فيما يلي:

.1- رفع اليدين:

يستحب أن يرفع يديه في أربع حالات: الأولى، عند تكبيرة الاحرام.
قال ابن المنذر: لم يختلف أهل العلم في أنه صلى الله عليه وسلم، كان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة.
وقال الحافظ ابن حجر: إنه روى رفع اليدين في أول الصلاة خمسون صحابيا، منهم العشرة المشهود لهم بالجنة.
وروى البيهقي عن الحاكم قال: لا نعلم سنة اتفق على روايتها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخلفاء الأربعة، ثم العشرة المشهود لهم بالجنة فمن بعدهم من أصحابه، مع تفرقهم في البلاد التاسعة، غير هذه السنة.
قال البيهقي: هو كما قال أستاذنا أبو عبد الله.
صفة الرفع: ورد في صفة رفع اليدين روايات متعددة.
والمختار الذي عليه الجماهير، أنه يرفع يديه حذو منكبيه، بحيث تحاذي أطراف أصابعه أعلى أذنيه، وإبهاماه شحمتي أذكيه، وراحتاه منكبيه.
قال النووي: وبهذا جمع الشافعي بين روايات الأحاديث فاستحسن الناس ذلك منه.
ويستحب أن يمد أصابعه وقت الرفع.
فعن أبي هريرة قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة رفع يديه مدا رواه الخمسة إلا ابن ماجه.
وقت الرفع: ينبغي أن يكون رفع اليدين مقارنا لتكبيرة الاحرام أو متقدما عليها.
فعن نافع: أن ابن عمر رضي الله عنهما كان إذا دخل في الصلاة كبر ورفع يديه، ورفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم رواه البخاري والنسائي وأبو داود.
وعنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يرفع يديه حين يكبر حتى يكونا حذو منكبيه أو قريبا من ذلك.
الحديث رواه أحمد وغيره.
وأما تقدم رفع اليدين على كبيرة الاحرام فقد جاء عن ابن عمر قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة رفع يديه حتى يكونا بحذو منكبيه ثم يكبر، رواه البخاري ومسلم.
وقد جاء في حديث مالك بن الحويرث بلفظ: «كبر ثم رفع يديه» رواه مسلم.
وهذا يقيه تقدم التكبيرة على رفع اليدين، ولكن الحافظ قال: لم أر من قال بتقديم التكبيرة على الرفع.
الثانية والثالثة: ويستحب رفع اليدين عند الركوع والرفع منه.
وقد روى اثنان وعشرون صحابيا: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعله.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة رفع يديه حتى يكونا حذو منكبيه ثم يكبر، فإذا أراد أن يركع رفعهما مثل ذلك، وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك، وقال: سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد» رواه البخاري ومسلم والبيهقي.
وللبخاري: ولا يفعل ذلك حين يسجد ولا حين يرفع رأسه من السجود.
ولمسلم: ولا يفعله حين يرفع رأسه من السجود، وله أيضا: ولاى رفعهما بين السجدتين: وزاد البيهقي: فما زالت تلك صلاته حتى لقي الله تعالى.
قال ابن المدايني: هذا الحديث عندي حجة على الخلق.
كل من سمعه فعليه أن يعمل به، لأنه ليس في إسناده شئ، وقد صنف البخاري في هذه المسألة جزءا مفردا، وحكى فيه عن الحسن وحميد بن هلال: أن الصحابة كانوا يفعلون ذلك، يعني الرفع في الثلاثة المواطن، ولم يستثن الحسن أحدا.
وأما ما ذهب إليه الحنفية، من أن الرفع لا يشرع إلا عند تكبيرة الاحرام استدلالا بحديث ابن مسعود أنه قال: لاصلين لكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلى فلم يرفع يديه إلا مرة واحدة، فهو مذهب غير قوي، لأن هذا قد طعن فيه كثير من أئمة الحديث.
قال ابن حبان هذا أحسن خبر.
روى أهل الكوفة في نفي رفع اليدين في الصلاة عند الركوع وعند الرفع منه، وهو في الحقيقة أضعف شيء يعول عليه، لأن له عللا تبطله، وعلى فرض التسليم بصحته، كما صرح بذلك الترمذي، فلا يعارض الأحاديث الصحيحة التي بلغت حد الشهرة.
وجوز صاحب التنقيح أن يكون ابن مسعود نسي الرفع كما نسي غيره.
قال الزيلعي في نصب الراية -نقلا عن صاحب التنقيح-: ليس في نسيان ابن مسعود لذلك ما يستغرب: فقد نسي ابن مسعود من القرآن ما لم يختلف فيه المسلمون بعد، وهما المعوذتان، ونسي ما اتفق العلماء على نسخه، كالتطبيق، ونسي كيف قيام الاثنين خلف الإمام، ونسي ما لا يختلف العلماء فيه، أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الصبح يوم النحر في وقتها ونسي كيفية جمع النبي صلى الله عليه وسلم بعرفة، ونسي ما لم يختلف العلماء فيه من وضع المرفق والساعد على الأرض في السجود، ونسي كيف يقرأ النبي صلى الله عليه وسلم {وما خلق الذكر والأنثى} وإذا جاز على ابن مسعود أن ينسى مثل هذا في الصلاة، كيف لا يجوز أن ينسى مثله في رفع اليدين؟ الرابعة عند القيام إلى الركعة الثالثة: فعن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنه كان إذا قام من الركعتين رفع يديه ورفع ذلك ابن عمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم رواه البخاري وأبو داود والنسائي.
وعن علي في وصف صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، أنه كان إذا قام من السجدتين رفع يديه حذو منكبيه وكبر رواه أبو داود وأحمد والترمذي وصححه: والمراد بالسجدتين الركعتان.
مساواة المرأة بالرجل في هذه السنة: قال الشوكاني: واعلم أن هذه السنة يشترك فيها الرجال والنساء، ولم يرد ما يدل على الفرق بينهما فيها، وكذا لم يرد ما يدل على الفرق بين الرجل والمرأة في مقدار الرفع.